في مشهد اقتصادي وطني يتقدُّ أملًا وطموحًا، تواصل موريتانيا تحقيق خطوات واثقة نحو الاكتفاء الذاتي وفق برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وفي سياق تحوّل عميق تقوده إرادة جماعية، رسم معالمها اتحاد أرباب العمل الموريتانيين، تحت قيادة رئيسه السيد زين العابدين ولد الشيخ أحمد، الذي رفع منذ سنوات شعارًا بسيطًا في لفظه، عميقًا في معناه: "صُنع في موريتانيا".
لقد آمن الاتحاد بأن السبيل إلى السيادة الاقتصادية يمرّ حتمًا عبر بوابة الإنتاج الوطني، فضاعف جهوده، وحفّز ريادة الأعمال، وفتح أبواب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأشعل جذوة المبادرة في نفوس المستثمرين الشباب، وسعى إلى تهيئة مناخ أعمال ملائم، يمكّن المقاولين والمبدعين من تحويل الأفكار إلى مشاريع، والمشاريع إلى مصانع، والمصانع إلى أعمدة إنتاج واستقلال.
والنتائج تتحدث اليوم عن نفسها: فقد حققت موريتانيا، خلال السنوات الأخيرة، نسبة معتبرة من الاكتفاء الذاتي في عدد من المواد الغذائية الأساسية، خاصة في مجالات الزراعة والصناعات التحويلية والألبان، في وقت كانت تعتمد فيه البلاد بشكل شبه كلي على الاستيراد لتغطية حاجيات السوق.
هذا التحوّل كانت له انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الكلي للبلد، حيث أدى إلى تقليص حجم الاستيراد، وبالتالي خفض الضغط على احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة، ما ساهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتحسين الميزان التجاري، وفتح آفاق واعدة أمام التصدير مستقبلاً.
ولأن ريادة الأعمال هي المحرك الأساسي لعجلة التنمية، فقد عمل الاتحاد على دعم المقاولين والمصنعين الوطنيين، عبر مبادرات تشجيعية وتسهيلات، فضلاً عن تنظيم معارض ومنصات لتسويق المنتجات المحلية، أبرزها معرض "صُنع في موريتانيا"، الذي أصبح موعدًا سنويًا يحتفي فيه الوطن بإبداع أبنائه، وبجودة صناعاته، وبقدرته على النهوض من الداخل، اعتمادًا على كفاءاته الذاتية.
إن ما تشهده موريتانيا اليوم من نمو في القطاع الإنتاجي ليس إلا ثمرة لثقافة اقتصادية جديدة، تؤمن بأن الاكتفاء الذاتي ليس شعارًا نظريًا، بل مشروع وطني متكامل، يتطلب تضافر الجهود، وتحفيز رأس المال الوطني، وخلق بيئة تحترم روح المبادرة، وتُعلي من قيمة العمل والإنتاج.
وهكذا، يتجلى شعار "صُنع في موريتانيا" كعنوان لنهضة، وميلاد لمرحلة جديدة، مرحلة تصنع فيها موريتانيا مستقبلها بيديها.