نظم المرصد الأطلسي الساحلي للهجرة والمجتمعات، الذي يرأسه الصحفي محمد الأمين ولد خطاري، مساء اليوم، ندوة فكرية تحت عنوان "الهجرة والأمن والتنمية في منطقة الساحل: أي دور لموريتانيا والمغرب؟". شارك في إثراء النقاش نخبة من الخبراء في مجالات الأمن والإعلام، من بينهم العقيد المتقاعد عبد الله ولد جدو، والخبير المغربي الدكتور الشرقاوي الروداني، والصحفي الإسباني خافيير فيرنانديز.
أجمع المتدخلون على أن موريتانيا والمغرب لم يعودا مجرد نقاط عبور للمهاجرين نحو أوروبا، بل تحولا إلى وجهات استقرار واستقبال، بفعل موقعهما الجيوستراتيجي والتغيرات الحاصلة في ديناميكيات الهجرة. فقد أضحت هاتان الدولتان قبلة لموجات متزايدة من مهاجري دول جنوب الصحراء، وطالبي اللجوء الفارين من الصراعات والحروب في مناطق متعددة، ما فرض تحديات أمنية، واقتصادية، واجتماعية تتطلب سياسات أكثر تكاملًا واستدامة.
تطرقت الندوة إلى التداعيات الأمنية للهجرة غير النظامية، حيث أكد الخبراء أن شبكات التهريب والاتجار بالبشر باتت تشكل خطرًا متناميًا، مما يستدعي تعاونًا إقليميًا أعمق بين دول المنطقة. كما أن التحولات الاقتصادية العالمية، وتفاقم الأزمات المناخية والصراعات المسلحة، ساهمت في تعقيد المشهد، حيث لم تعد دوافع اللجوء مرتبطة فقط بالاضطهاد السياسي أو الديني، بل أصبحت الأوضاع الاقتصادية الهشة، وانعدام الفرص، والتغيرات المناخية عوامل رئيسية تدفع الأفراد إلى البحث عن بدائل خارج أوطانهم.
في سياق متصل، تطرقت الندوة إلى قضية اللجوء باعتبارها تحديًا دوليًا متناميًا، إذ لم يعد الأمر مقتصرًا على الأفراد المهددين سياسيًا أو عرقيًا، بل ظهر لاجئون لأسباب اقتصادية، وأطفال قُصّر غير مصحوبين بذويهم، ما يطرح تساؤلات حول مدى استجابة القوانين الدولية الحالية لهذه التحولات. كما شدد المشاركون على أهمية وضع إصلاحات قانونية شاملة تضمن حماية حقوق اللاجئين، مع مراعاة التوازن بين مقتضيات الأمن الوطني والالتزامات الإنسانية.
خلصت الندوة إلى أن إدارة ملف الهجرة واللجوء في منطقة الساحل تستوجب مقاربة متعددة الأبعاد، تأخذ في الحسبان البعد الأمني، والتنمية الاقتصادية، والتعاون الإقليمي. وشدد الخبراء على ضرورة تعزيز آليات التنسيق بين موريتانيا والمغرب والدول الأوروبية، من خلال سياسات تستهدف معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، بدلًا من الاقتصار على الحلول الأمنية الظرفية.
وفي ظل استمرار التحولات العميقة في مشهد الهجرة، تبقى موريتانيا والمغرب أمام مسؤولية كبرى، تستلزم تعزيز التعاون، وتحقيق توازن دقيق بين الأمن والحقوق الإنسانية، لضمان إدارة أكثر فاعلية لهذا الملف الحساس.