هل نتجه بعد ضربة اترامب لإيران إلى حرب واسعة أو لإعادة تنظيم العالم ؟

بواسطة ediwan

لقد قدم اترامب بضربته لإيران فرصة ثمينة للعالم المناهض لغطرسة الغرب للتوحد والتقارب الوظيفي تحت شرعية حماية النفس والعالم من جنون العظمة وغطرسة القوة .
نحن اليوم سنشهد بوادر حلف قوي في الشرق تظهر فيه لأول مرة الصين كقوة عسكرية هائلة لم يكن الغرب يعرف عنها أي شيء قبل مساعدتها لباكستان ضد الهند وإسقاطها لتكنولوجية الغرب العسكرية بفاعلية قصوى وتملك حوافز كبيرة للوقوف إلى جانب حليفتها الاستراتيجية الأولى المستعدة للتعمل معها خارج سويفت و الدولار بل الين وتبيعها كل نفطها الخام ولو بصفة سرية ، والصين في نهضتها الجديدة لا غنى لها عن ذلك ، إننا نتوقع حلفا عسكريا قويا وجبهة دولية تضم الصين وروسيا وإيران وباكستان وكوريا الشمالية وبعض ودول آمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا واليمن مدعوما بهرطقة أردوغان وموقفه غير اليقيني ودعم سياسي عربي متعاطف مع ايران تزعمته السعودية والجزائر بسرعة وقوة، وشعبية كبيرة في إفريقيا.
ويبقى السؤال المطروح هل ستوسع ايران رقعة الحرب بعد هذه الضربة الأمريكية الإجرامية بكل المقاييس بخروجها عن سياق القانون الدولي والاعتداء على دولة لا تهدد مصالح الولايات المتحدة ومستعدة للتفاوض بشأن التنازل عن حقها في امتلاك الأسلحة النووية مثل بقية الدول رغم أن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية لا معنى لها مادامت إسرائيل تمنع دخول المفتشين الدوليين في حين تملك مصانع للإنتاج الحربي النووى وتملك 400 قنبلة نووية بحماية من الولايات المتحدة التي تدمر المفاعلات الإيرانية للطاقة السلمية بسبب منعها من امتلاك الأسلحة النووية ، كذلك لا معنى لمجلس الأمن والفيتو وغيرها من مخرجات هذا النظام الدولي المائل الذي كان من تجليات الحرب وليس من تجليات السلام أوالفكر أو القانون أو المساواة أو احترام الشعوب وفق معايير الثقافة والجغرافيا والحضارة والتاريخ والتعداد السكانيوشرعية التمثيل في مجلس الأمن وسلطات المنظمة الدولية وعدم تكافؤ الفرص في الاستفادة من مزايا هذا النظام واستغلاله وتوجيهه، بل وخضوعه للمخابرات الأمريكية والاسرائلية تنفذان من خلاله المخططات والعمليات العسكرية والتجسسية والتدميرية حول العالم تحت غطاء الأمم المتحدة وتفريعاتها والقانون والنظام الدوليين.
لقد زودتنا الأحداث خلال النصف الأخير من القرن الماضي بشواهد من أن النظام الدولي اليوم وكل يوم قائم على الظلم والغطرسة وليس على العدالة والإنصاف ولعبة بيد الدول الغربية تحاصر به من تشاء وتضرب باسمه من تشاء وتعاقب من تشاء وتسقط لعناته على من تشاء وبسببه فقدنا دولة عظيمة ونشرنا الرعب والفوضى على خريطة كبيرة ودمرنا مجتمعات وسلبنا إرادة شعوب وفرضنا عليهم الفقر والمذلة وهو بالتالي نظام ظلم خائن للقيم الإنسانية النبيلة تجب مراجعته فلم يعد يصلح لحالتنا اليوم. إنه مرتبط بمنطق وبأدوات وأفكار وتحالفات وإيديولوجيات كلها لم تعد موجودة وبالتالي لم يعد هناك مبرر لقيامه .
أعتقد أن الخطوة التصحيحية الأولى لهذا الحلف هو الخروج الجماعي من هذا التنظيم والنظام الدوليين والمطالبة ببناء نظام دولي جديد أو بناء نظام مواز يصحح الاختلالات الكبيرة وينضم له من يريد من بلدان وشعوب العالم.
إن إيران اليوم هي من بيدها تقرير مصير العالم بامتلاكها حق الرد الواسع على الولايات المتحدة من خلال موقعها الجيو سياسي الكبير وقوتها وشرعية موقفها القانوني وقدراتها العسكرية التي تعاظمت بامتلاك تقنيات وأسلحة جديدة من خلال الدعم الصيني والروسي والباكستاني لها والقدرة على تحريك اليمن وحزب الله، ويبقى التساؤل حينها ما هي بعد ذلك طبيعة الرد الإيراني هل ستكتفي بتدمير إسرائيل واخراجها من معادلة القوة في المنطقة وهذا بمقدورها طبعا؟ أم هل ستتوجه لضرب مصالح الولايات المتحدة في البحر وعلى اليابسة من خلال استهداف قواعدها وسفنها وغلق المنافذ العالمية باب المندب وخليج عدن بواسطة حلفائها .
العالم اليوم في ورطة حقيقية وفي وضعية لا يمكن التنبؤ بحجم تداعياتها ومساحة تأثيرها وانعكاسها على الاقتصاد النفط والغاز والتجارة والبحار.
كلما نعرفه أنه لم تعد هناك شرعية دولية ولا قانون دولي ولا حقوق إنسان ولا مصداقية لمفاهيم ومفردات القانون الدولي مثل الإبادة الجماعية ولا جرائم حرب ولا جرائم ضد الإنسانية أمام الأسلوب المتعمد لكل من الغرب وإسرائيل. كل تلك الأمور سقطت للمرة الألف فلم تعد هناك شرعية للمجتمع الدولي في إطار القوانين الدولية ولا شرعية لاتفاقية الحد من الأسلحة ولا شرعية لأي هيئة أممية مع أسلوب التشغيل الذي يعجز عن إنفاذ القانون وإنزال العقوبة والخرق في الجانب الآخر.

العالم اليوم يعاني من زعامة الأوغاد ومسؤوليتهم في وضع النظام الدولي وتحديد آليات ذلك وهو أمر لا يمكن أن يستمر في ظل امتلاك الشعوب والدول التي ظلت مضطهدة ولوسائل الدفاع عن نفسها بل وسائل الردع وهكذا أصبحنا بحاجة لتنظيم دولي منصف ومتوازن وعادل وهذا وقته.

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار